|

في حواره للحدث الشاعر "علي جدعان " الأمسيات الشعرية هي من أفضل وأقوى طرق الدعم للشعر وللشاعر العربي في الشعر 

الكاتب : الحدث 2022-12-31 05:26:19

 

الحدث - نوره محمد بابعير 

‏الشعر ذائقة تهذب النفس و للغة تصنع الفصحى في الافواهُ الشعر حكاية شاعر أمتلأت به الحياة فكانت الأحرف بحوراً له و الشعر متنفسًا يظل معناهُ في قائله .

الشاعر علي محمد جدعان أبن المدينة المنورة تميز بالتجربة بين كتابة المسارح و الشعر وتعمد إخفاء القصص القصيرة في أدراج مكتبته لم تحظى بالنور .

كتب في الجامعات عدة مسارح وحققت نجاحات عظيمة كرم عليها أربعه جوائز ثم إستمر في مجال الشعر وأنجز ثلاث اصدارت وامتازت أشعاره بالاشعار العامودية والبعض منها تأملية .
   

بين القرار و السيرة 

* البداية خطوة منتهية باختيار شخصها، ماهي أهم العوامل التي جعلتك تختار كتابة الشعر ؟ 

- لعلي لم أختر الشعر أو غيره من الأجناس الأدبية التي طرقت أبوابها بالمعنى المعتاد والمتعارف عليه ولكني كنت كثير التطواف بين أبواب المعرفة وكانت بعضها تجذبني إليها ويأخذني التجريب حينا إلى المسرح وأحيانا إلى سواه دون اختيار مني.  
أما عن الشعر فعلاقتي به هي منذ الطفولة فقد كان لي أخ يكبرني يقرض الشعر ويجلب دواوينه إلى المنزل ويشاركني أحيانا قراءة نصوصه أو قراءاته الشعرية وكان لي تجربة في كتابة الشعر مبكرة جدا في الصف السادس أو الأول متوسط وكنت أعرض محاولاتي على أخي وكذلك في المرحلة الثانوية والجامعية لي بعض المحاولات لكنها لم تستمر ولم احفل بها كثيرا.

* الإلهام جزء من إبداع الكاتب، ما هو إلهام الشاعر علي جدعان حتى يكتب أشعاره ؟ 

- كل الفنون تبدأ شرارتها الإبداعية من الإلهام ولا أدعي أن لي إلهاما خاصا أو ملهما معينا ، ولكن دهشتي الأولى من كل شيء حولي هي نواة ذلك الإلهام وبدء شرارته فمازال الطفل في داخلي تدهشه الأشياء والأصوات والمناظر والمشاعر وعندما أستجيب لدهشته يمنحني إبداعا عاريا من كل " اكسسوارات " اللغة ومنحوتات العقل.

*  القراءات تُصنع ثقافتها، من خلال ميولك للشعر من هو أفضل شاعر لديك ؟ 

- كل تراثنا الشعري العربي هو مفضل لدي ولا أميل للانتقائية في القراءة منذ فتحت عيني على سحر القراءة في الشعر أو غيره من الكتب ، فقد كان الكتاب قليل التوفر في منزلنا وإن لم يغب من طفولتي ولذلك كنت أقرأ كل ما يقع تحت عيني شعرا أو نثرا أو مصورا، فقرأت قبل تخصصي في اللغة في المرحلة الجامعية وبعدها لكل شعراء العربية في كل عصورهم وبكل توجهاتهم ومدارسهم وإن كان يستهويني حفظ النصوص من العصر الجاهلي أو الأموي ثم الحديث وقد توقفت عن الحفظ منذ فترة ليست بالقصيرة.

* المعرفة تطويرك الدائم، من انغماسك في مجال الثقافة ماذا أضافت لك الكتابة والشعر خاصةً ؟ 

- للكتابة سحرها الذي يولد في نفسي كثيرا من المشاعر وفي عقلي طوفانا من الأفكار وفي روحي تسونامي من الاستقرار والطمأنينة رغم أن الفعل الكتابي هو فعل قلق إلا إن عاقبة الكتابة كعاقبة الولادة استرخاء وراحة وفرحا.
الكتابة أكسبتني كثيرا من الثقة فيما اخترته للقراءة وما أنتجته للقارئ وما استخلصته لحياتي بصورة عامة. 

بين التجربة والشعر

* التجربة تصنع للكاتب سيرته، بدأت في الكتابة عام 
1409 هـ كانت الخطوة الملمه بإصدارها للنشر عام 1436هـ رغم حديثك عن ذكر المحاولات في الكتابة بتواريخ متباعدة وبعضها لم يحالفها النشر إلا إنك خضت التجربة بحذافيرها تحدث عن هذه التجربة كيف كان تأثيرها عليك بعد اصدارك الأول ؟ 

- كنت في بداية قصتي مع الكتابة أحب تلخيص كل ما أقرأه رواية أو كتابا ثقافيا أو علميا وكنت لا أحفظ القصيدة إلا بعد كتابتها مرتين أو ثلاثة فالفعل الكتابي جزء من ثقافتي منذ الأيام الثقافية الأولى ولكني بعد ذلك ومع دخولي لعالم المشاركة الثقافية ودخولنا عصر الإنترنت وبداية عصر المنتديات والفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الثقافي أصبحت الكتابة بالنسبة لي فعلا يوميا أشارك القارئ المجهول كل أفكاري وهواجسي واحلامي ولكن عندما طبعت ديواني الأول وأصبح ورقيا بين يدي أحسست بهيبة الكتابة أكثر وأعمق وما زلت حتى هذه اللحظة وانا أصدر ديواني الثالث أعيش  نفس الرهبة من القارئ ومن التأريخ ولكنها رهبة جميلة رغم عمقها. 

* تحدثت في لقاء لك أن أول محاولة للكتابة كانت تميل للمسرح ثم غلبها الشعر، تحدث عن الفرق بين تجربتك للمسرح وبين تأليفك للشعر، وماهي أعمالك التي تم إخراجها للمسرح ؟ 

- نعم كان المسرح وما زال حتى اللحظة يشدني إليه تأليفا وإخراجا ومشاهدة ولكن المسرح عمل جماعي كبير يحتاج إلى طاقات متنوعة ومتناسقة بل وميزانيات متناسبة مع ضخامة العروض المسرحية الجماهيرية.
المسرح يأسرني فيه التفاعل المباشر بين الجمهور والعمل المسرحي نصا وإخراجا وممثلا و هذا التفاعل الذي يصنع الدهشة من جهة والسعادة من جهات، أما الشعر فهو خلوة بين الشاعر والنص والمتلقي (الآخر) الغائب ولكنه يتيح للشاعر مساحات أوسع للتعبير عن ذاته ومكنوناته وتعالقاته مع الوجود والحياة والجمال منفصلا عن تأثيره على المتلقي وانفعالاته بالنص وذلك ما أعطي الشعر فرصة كبرى لانتزاعي مؤقتا من المسرح وهمومه.  

* الجوائز مكافاة للإبداع شاركت في عدة مسارح من جهة مسرح التعليم بين جامعة ام القرى و فزت فيها كمؤلف مسرحي وبين إدارة تعليم المدينة المنورة؟ تحدث كيف كان الشاعر علي جدعان في فتراتها وماذا تركت له ؟ 

- الجوائز ليست بقيمتها المادية فقط بل قيمتها المعنوية أيضا فهي من ضمن الحوافز المهمة لكل المبدعين وفي كل المجالات.
كانت بداية مشاركتي في التأليف المسرحي دافعها الأول والأكبر في أيام الجامعة هي المكافأة المادية لحاجتي كطالب جامعي للدعم المالي والحمد لله استثمرت قراءاتي ومشاهداتي وتجاربي القليلة في المسرح في كتابة نص مسرحي شاركت به الجامعة في أول مسابقة للمسرح بين جامعات دول مجلس التعاون وذلك ما أعطاني دافعا لمواصل الكتابة والمشاركة بعد ذلك في مسابقات إدارة تعليم المدينة المنورة وفوزي بها لدورتين ثم اتجهت للإخراج ثم أتى الشعر ليخطفني من ذلك كله.

* بين القصص القصيرة وبين المسرح وبين قرارك في نشر الشعر هل قفزتك من القصص والمسارح كانت بسبب رغبة الميول في الشعر أقوى منهما لذلك أمتنعت عن نشر قصصك القصيرة إلى الآنة؟ 

- أعتقد أنني كاتب فوضوي قليلا في اختيار ما أكتب فأنا لم أخطط لكتابة الشعر أو القصة أو القصة القصيرة جدا ولكنني عندما تضغط عليَّ شهوة الكتابة أبدأ في الكتابة وبحسب البداية أكمل المشروع الكتابي فقد النص الكتابي كقصة وأحول عنها إلى القصيدة أو مقالة ولا أتقيد أبدا بمخطط كتابي محدد ذلك كله كان في السابق ولذلك كتبت القصة القصيرة في مرحلة ما قبل اكتمال الديوان الأول ثم توجهت إلى القصة القصيرة جدا وأثناء ذلك وقبله وبعده كان الشعر حاضرا.

 "بين الشعر والانجاز" 

* عندما تحدثت عن إصداراتك ذكرت أن نوعية قصائدك عمودية ما الذي جعلك تختار هذا النوع من كتابة الشعر؟ ثم ذكرت والبعض منها تأملية هل كل ما يحدث مع الشاعر يحرك ساكنه في كتابة الشعر ؟ 

- كل فنون الكتابة تستهويني وكل أنواع الشعر أتفاعل معها ولي محاولات في كتابتها ولكنني أجد نفسي في الشعر بصورته العامودية التقليدية شكلا ولذلك كل دواويني الثلاثة والرابع الذي يوشك على الصدور هي من هذا النوع فقد وجدته القالب الذي يتسع لكل ما يولد من الشعر داخلي وقد أكتشف يوما ما قالبا آخرا. 

* تميزت في إشعارك أنها الفصحى، تحدث عن جمالية اللغة في الشعر ؟

- اللغة العربية ليست وعاء جماليا ماديا يحمل مشاعرنا وأفكارنا فقط بل لغة ذكية وأسلوب تفكير وحياة نتشارك من خلالها ثقافتنا وتأريخنا ووعينا ونشارك الإنسانية كلها ماضينا كأمة ذات معالم خاصة وهي بالنسبة لي شغف وعمل يومي فأنا معلم لغة عربية وقارئ وكاتب يتماس مع مفردات اللغة العربية فكرا وإحساسا وفنا ولذلك أنا أعيش جمال اللغة العربية وأحاول أن اتماهى معه في كل صوره ، ليعبر عني في كل صوري وحالاتي.  
 
* أول إصدار لك كان بدافع من الأصدقاء و تشجيعهم لك متى يشعر الشاعر بالرضى عما يكتب لينشر ؟ هل تؤيد النقد في الشعر حتى تقوى لغة كاتبه أو مع المثل الذي يقول(معنى الشعر في بطن شاعره ) فيبطل الناقد معنى شاعرها ؟

- نعم كان ديواني الأول بتشجيع من الأصدقاء وإصرار من القريبين منهم خصوصا من هم أهل لإبداء رأيهم في الشعر وفنونه وذلك مما ساعدني على الوصول إلى شيء من حالة الرضا ودفعني لطباعته في نادي المدينة المنورة الأدبي.
النقد هو كشاف الطريق إلى مواطن الجمال في العمل الأدبي وهو الجمال الموازي الذي من خلاله نكتسب أدوات الغوص وسبر أغوار النص الأدبي وما حوله وما بعده وليس وظيفة الناقد الكشف عما في روح وذهن ومشاعر الشاعر أو الأديب بل وظيفته قراءة النص ومحاولة تسليط الأضواء على اجزائه المختلفة وإبرازها كما يراها كالخبير بالأحجار الكريمة.    

* هل القصص القصيرة التي بقيت في الأوراق المحفوظة في أدراج مكتبك والمخفية عن النشر سوف تحظى في يوم ما للنشر دون تحفظًا عنها ؟

- القصص القصيرة التي كتبتها في فترات سابقة على الشعر ومتوازية معه أحيانا وما زالت في الأدراج حتى الأن هي جزء من وعيي الكتابي الأدبي وانا اعتز بكتابتها ولكني احتاج إلى العودة إليها وإلى تقيمها من جديد وأقرر هل اخرجها للطباعة أم أعتبرها مرحلة من مراحل السلم للوصول إلى الشعر فقط ؟ حتى الأن لست أدري 
 

* ماذا يحتاج المسرح حتى تكون نصوصه جيدًة؟ وماذا يحتاج الشعر حتى يكون شعراً ؟

- التأليف المسرحي يحتاج إلى ثقافة مسرحية ولغوية ودرامية خاصة وواسعة وفي بلادنا العزيزة يوجد كتاب مسرح كُثر وتتوفر نصوص متميزة كثيرة ولكن المسرح تأليفا وتمثيلا وإخراجا يحتاج إلى دعم كبير من المؤسسات المعنية ليصل المسرح السعودي إلى المستوى اللائق به، أما الشعر فيحتاج إلى حواضن إبداعية صادقة وداعمة من متلق واع ودور نشر تقدر الشاعر والقارئ وفوق ذلك كله تحتاج إلى شاعر مثقف متمكن من أدواته يحترم الشعر واللغة وذاته والقارئ ويفتح أبواب وعيه على كل عوالم اللغة وفضاءات الجمال ويملك شجاعة التجريب والدخول إلى كهوف ومغارات المشاعر ليكتشف أسرار النفس البشرية التي هي عاكسة لصورة الحياة وجمال الوجود وخبايا الذات.
  

* لديك عدة أمسيات شعرية متنقلا بين عدة مدن الأحساء والباحة والمدينة المنورة ولك خبرة في عضوية أدبية ؟ تحدث عن جماليات الثقافة في الأمسيات وماهي أقرب أمسية لقلبك ولماذا ؟ 

- الأمسيات الشعرية هي من أفضل وأقوى طرق الدعم للشعر وللشاعر العربي فالشعر العربي من أهم خصائصه أنه له علاقة مباشرة بين الشاعر والنص والمتلقي ينتج عن هذا الجو اللغوي إحساس طوفاني لبه الإحساس وإطاره اللغة وكمال جماله المتلقي وتفاعلاته، والأمسيات الشعرية هي من صميم الثقافة العربية منذ سوق عكاظ وذي المجاز وذي المجنة ووزارة الثقافة اليوم بكل طاقاتها وفروعها وأجنحتها تشجع المجتمع الثقافي والنوادي الأدبية والفعاليات الوطنية على أن تكون الأمسيات الشعرية جزء مهما وأساسيا من كل ذلك الحراك إيمانا منها بأهميتها.
لم يتح لي المشاركة في إقامة أمسيات شعرية كثيرة ولذلك فالتي أقمتها كلها أقرب إلى قلبي وأتمنى أن أشارك في أمسيات قادمة قريبا لأساهم ولو قليلا في هذا الحراك الدبي والشعري الذي يشهده وطننا الغالي.  

* بين الصحافة والنشر كان لك إصدار بعنوان "بحوث حول القراءة" ولديك قصائد نشرت في الصحف والمجلات بعنوان (تضاريس الليل) و(سماوي)، هل لنا بمنشور حصري من كتابة أشعارك المبدعة ؟

 - هذا النص من ديواني (كادي) الصادر عن أدبي الجوف:
سادرٌ
مذ أن مددتُ إلى البعيدِ يَدَيَّا
دربا وأقبلتْ الجِهاتُ إليَّا


صوتي أضاعتُه الفصولُ ولم أعدْ
لحناً تردِّدُه الرياحُ طريا


لا لن أبيحَ لهم خيامَ قصائدي
حتَّى تظلَّ الأغنياتُ مليا


مهما أسروا للظِّلالِ حديثَهم
خلصوا وليلُ الشانئين نجِيَّا


السادرُ المخبوء بين جوانحي
يوماً سيهبطُ كالضياء عليَّ


اقرأ فأقرأ قمْ فأحملُ رايةً
مثلي ستختصرُ الطريقَ نبيا


قالتْ لي السبعُ العجافُ أعِدْ لنا
ضَحِكَ السَّماءِ مطرزاً وبهيا


قالت واخوتُها السمانُ يهزهم
سُكْرٌ كليلٍ الحالمين فتيَّا


ما زلتُ أسمعهم كعزفٍ أخرسٍ
ناياً نشازا خُشَّعاً وبُكيَّا


هل ثَمَّ غارٌ أو حمامةُ شاعرٍ
تحي بجسمي المستعارِ عَلِيَّا


علِّي أسافرُ في دمايَّ كآصَفٍ(1)
أطوي شرايين المسافة طيَّا


أسعى أفتشُ عن منابعِ لحظةٍ
ضوءٍ وألقى كالإجابة شيَّا


دوما يباغتني الرواةُ وكلما
باهلتُهم دوَّى السكوتُ دويَّا


صَمتٌ يُبثُ الحُزنَ دمْعاً أحمراً
والقهرَ مجنُوناً وسوداويَّا


أسعى وتسعى الأغنياتُ كأننا
ضدان نمشي للنجاةِ سويَّا


أرمي عصى الأشِّعارِ أفتحُ منفذا
في اللازمان كأنما يتشيَّا


فرعونُ أسئلةٍ تحاصرُ خَطوتي
كلُّ الهوى إنْ ثارَ فرعونيا


يا يوسُفَ الأحلامِ رؤيايَ التي
عبَّرتها أحيتْ بي الإنسيَّا


والقمحُ في الرؤيا مشاعرُ عاشقٍ
أضحى بدمعِ الثاكلاتِ حريَّا


والطيرُ كان الشوقُ يأكلُ بسمتي
والخمرُ كانَ الصبرَ يكبرُ فيَّا


من يفتح البابَ احتوته عوالمٌ
شتَّى وأصبحَ للدقائقِ رِيَّا


كن أنت بوصلةَ العبور قصيدةً
كن للمجرةِ والوجودِ رويَّا


كن شاعرَ الانسانِ يملأ بالصَّدى
صمتَ الحكايةِ نهضةً ورقيَّا